في مدينة تعز وسط اليمن، التي ترزح تحت حصار مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية منذ أكثر من سنة، وجد محمد عبدالله، وهو شاب ثلاثيني، وأب لخمسة أطفال، ابنه" ياسر" مريضا، بعد إصابته بالأميبا المعوية، ازدادت حالته سوءا، نتيجة لتأخره بالحصول على الدواء، لعدم قدرته على شرائه.
أبو ياسر الذي يقطن في حي المسبح بوسط المدينة، اقترح جاره الذي علم بتدهور حالة ابنه، اقترح عليه أن يذهب للعيادة المجانية، التي أقامتها مؤسسة" نحن هنا للإغاثة والتنمية".
تعلق بحبل الأمل ذاك، وذهب إلى العيادة، يلتمس النجاة لطفله الذي أنهكه المرض، وتم معالجة ابنه ياسر الذي يبلغ من العمر 11 سنة، وبدأ يتماثل للشفاء.
يقول أبو ياسرل( المستقبل اونلاين)، خفف هذا المشروع الكثير من معاناتي، ومعاناة المئات من المعدمين في محافظة تعز، التي زادت الحرب من معاناة أبنائها.
ويضيف:" وصل بنا الحال لدرجة أني أرى الدواء نوعا من الترف، فبالكاد استطيع أن أطعم أبنائي وزوجتي".
بدوره أبو محمد إسماعيل، أحد النازحين من حي بعرارة، إلى حي الضبوعة بوسط المدينة، ذكر لمراسلة" المستقبل اونلاين"، أنه استفاد أكثر من مرة من الخدمات التي تقدمها العيادة.
وهو يتمنى أن يتم دعم المؤسسة، لتقدم الخدمة إلى أكبر عدد من المستفيدين، مشيرا إلى أن بعض المرضى يموتون في منازلهم، بسبب المضاعفات التي تحصل، جراء الإصابة بمرض بسيط، لكن عدم قدرتهم على شراء دواء، قد لا يتجاوز سعره في بعض الأحيان دولار واحد، تجعلهم على موعد مع الموت.
* الحاجة إلى الدعم
فتحت العيادة أبوابها في رمضان، لعشرات المستفيدين، من ذوي الدخل المحدود، والمعدمين، والذين تضرروا ومازالو يعاونون جراء الحرب الطاحنة في المحافظة.
رئسية مؤسسة نحن هنا للإغاثة والتنمية صباح الشرعبي، ذكرت أن العيادة شهدت إقبالا كبيرا منذ الأيام الأولى للمشروع، واستفاد العشرات من المستهدفين.
وأضافت ل(المستقبل اونلاين):" هناك إقبال كبير على العيادة، وتم دعمنا من قبل بعض شركات الأدوية، لكن ما تزال تنقصنا الكثير من الأدوية، ونحن كذلك بحاجة للحصول على جهاز ميكروسكوب لدعم المختبر".
ولفتت" الشرعبي" أن المشروع يقدم الخدمة المجانية، طوال الأسبوع ما عدا الجمعة، ومن الساعة الواحدة مساء وحتى الخامسة، وتشمل الخدمات المعاينة، والفحوصات، والأدوية.
وتقدم العيادة خدماتها المجانية، في تخصصات الأطفال، والنساء، والباطنية، وكذا المجارحة، كون الكثير من المدنيين الأبرياء يتعرضون بين الفينة والأخرى لرصاص وقذائف المليشيا، التي تستهدف بها المدنيين.
* المسئولية الاجتماعية
تطوع العديد من الأطباء والممرضين للعمل في تلك العيادة، للقيام بمسئولياتهم تجاه المجتمع، ولمساعدة الكثير من المواطنين، الذين يحتاجون إلى تلقي الخدمات الطبية، في ظل تدهور الوضع الصحي في المدينة.
وتسهم بشكل كبير، مثل تلك المؤسسات والمنظمات المختلفة التطوعية، في تخفيف معاناة المدنيين، في ظل الحرب، وغياب الخدمات الأساسية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 14 مليون يمني، بحاجة إلى الخدمات الصحية العاجلة، بما في ذلك أكثر من 2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، كما ان النساء الحوامل أو المرضعات يتطلبن إلى العلاج.
وأوضحت المنظمة في بيان أصدرته أواخر مارس/آذار الماضي، أن 19 مليون يمني، لا يستطيعون الحصول على المياه النقية والصرف الصحي، مما يجعلهم عرضة للأمراض المعدية مثل حمى الضنك والملاريا والكوليرا.
وحذر ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، أحمد شادول، بداية أبريل/نيسان الماضي
، من تدهور الوضع الصحي في اليمن، الذي بات على وشك الانهيار بفعل الأزمة، مبيناً أن 28 في المائة من المنشآت الصحية غيرعاملة، وحوالي 14 في المائة منها، تعمل بكفاءة 50 في المائة فقط.
* تخفيف مساحة آلام الحرب
يقول الصحافي المتخصص بالجانب الاجتماعي والنفسي محمد السامعي:" نلاحظ في اليمن أن هناك تعاونا كبيرا وتماسكا اجتماعيا قويا، قلص من مساحة آلام الحرب، ووجع الأزمة، من حيث تقديم الخدمات الإغاثية، من غذاء ودواء، عن طريق جمعيات ومؤسسات في عدة محافظات".
ويوضح في تصريح خصه" المستقبل اونلاين"أن:" تقديم العون للمواطنين الذين فاقمت الحرب من معاناتهم، من قبل الجمعيات والمؤسسات، أو رجال الخير كأفراد، دليل على استمرار القيم الاجتماعية السامية والنقية، التي عرفناها عن اليمنيين منذ القدم".
ويتابع:" تلك الإعانات لها تأثير إيجابي كبير على نفسيات وأوضاع مواطنين كثر، عانوا من لهيب الحرب المستمرة منذ 16 شهرا".
واختتم حديثه بدعوه الجمعيات والمؤسسات الخيرية، إلى بذل المزيد من الجهود، من أجل تقديم المعونات الإغاثية الأساسية لليمنيين، المتضررين من الأزمة التي تفتك بالبلد، لتخفف عنهم آثار تلك الحرب.