"تعز المدينة الحالمة بوضعها اﻻستثنائي كل شي فيها يجعل منها مدينة للموت" هكذا يقول محمد أحمد غانم أثناء حديثه لنا على رصيف التربية، بوجه عابس ممسكا بإحدى يديه كيس لوحات بيضاء لمطالبه المرسومة بتراكمات الوجع، في اليد اﻷخرى ورقة مناشدة صغيرة أفقية لن تتسع لوصف مدى سوء حالته فقط مكتوب عليها "تعز ترفض التميز في صرف المرتبات".
محمد أب لبنت مهددة بالحرمان من مواصلة تعليمها لعدم قدرة اﻷب على دفع تكاليف دراستها في أحد المدراس الخاصه.
يقول في حديثه لنا "منذ ثمانية أشهر ونحن في انتظار صرف مرتباتنا، لكن لﻸسف ﻻ يمكن ان نقتات من وعود الصرف رغم كثرتها، ولم نعد نملك غير الصبر اﻻجباري الذي نحافظ به على قليل التفائل المصطنع في البيت و المدرسة بانتظار صرف حقوقنا، ضاق بنا الحال وانقطعت بنا سبل العيش، خرجنا إلى الشارع هروبا من مالك البيت الذي يطالب باﻻيجار وصاحب البقالة وبائع الخضروات بالحارة إلى هذا الرصيف مطالبين بحقوقنا". ثم يصمت محاوﻻ ترتيب الكلمات لعل شكوته تكون واضحة هذا المرة، يعود صوته الشاحب بتنهيدة يأس، "شهر رمضان بعد أيام، وحتى ﻻ نموت من الجوع سوف نفترق واسرتي،أنا سوف إذهب إلى بيت والدي و زوجتي إلى بيت والدها".
يعيش التربوي" محمد القرشي" على سلفات ومساعدات من أقاربه، منذ إنقطاع راتبه، ويتسائل "إلى متى سوف يستمرون في مساعدته ..؟ في ظل هذا الصراع الدائر الذي يقذف بشريحة كبيرة من أبناء المحافظة إلى رصيف الجوع والتسول.
محمد موظف من بين عشرات اﻵﻻف من موظفي محافظة تعز جنوب اليمن الذي انقطعت رواتبهم بسبب الصراع الذي تشهده تعز،فهل يدرك القائمين على هذا الصراع حجم معاناة هؤﻻء والعودة إلى طاولة الحوار وتحكيم العقل.