اغلب الضحايا نساء واطفال وشيوخ
خفايا عام من الحرب في مديرية "الصلو" بتعز و تفاصيل مأساة قتل وتهجير وتشريد المدنيين
المستقبل اونلاين - وحدة التقارير - عزيز الصلوي :

مديرية "الصلو"..سلسلة جبلية شديدة الانحدار وبالغة الصعوبة، تعرف جغرافيا بإحدى مناطق الحجرية، وتتبع إداريا محافظة تعز، والى الجنوب الشرقي من مركزها بحوالي 45كم تقريبا، تبلغ مساحتها حوالي 89.3 كيلو متر مربع وسكانها بحسب اخر تعداد سكاني 49832 نسمة يتوزعون على مناطق وقرى متربعة على أحضان الوديان والجبال العالية ذات الجغرافية الصلبة .

وتعتبر "الصلو" في محافظة تعز من المناطق ذات الاهمية الكبري، في السلم قبل الحرب و أثناءها، وذلك لموقعها الاستراتيجي المطل على دمنة خدير والخط الرابط بين تعز - عدن . حاولت أنظمة  متعاقبة في الماضي جعلها موقعاً عسكرياً إلا أن أبناء المديرية واعياناها ومنهم الشيخ "منصور"، كانوا دوماً يرفضون عسكرة المنطقة وجعلها ساحة صراعات عنيفة، سواء بين مواطنيها او مع الاخرين وحتى ضد الجنوب أيام التشطير . فإرتفاع جبل "الصلو" الشاهق يجعله يطل أيضاً على لحج وعدن ، ولولا أن الطيران يستطيع دك أي تموضع لمنصات إطلاق الصواريخ لكان الانقلابيون - الحوثي صالح - قد استخدما هذا الجبل لضرب مواقع عسكرية ومدنية في لحج وعدن وإستهداف قاعدة العند من هذه المديرية. القوات الحكومية ادركت مبكراً خطورة الموقع فتمركزت في غالبية مناطقه المرتفعة وبقي الانقلابيون في منطقة الشرف وهو المدخل الرئيسي للمديرية من جهة دمنة خدير  ، وإحدى أعلى الهضاب الجبلية المرتفعة في جبل الصلو ، ولكن لا يستطيعون التموضع فيه بشكل دائم، كما ان "الصلو" ذات تاريخ عريق وفيها مدارس أثرية وحصن وقلعة "الدملؤة" التي يذكرها العلامة والمؤرخ الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" و"مدينة الجؤة والمنصورة".

وتعيش البلدة التي تتكون من 11 عزلة اشكالا قاسية من المعاناة، تفاقمت تحت وطأة تداعيات حرب ضروس تدور هناك منذ عام بين قوات الحكومة المعترف به دوليا، والجماعة المسلحة التي تعرف باسم الحوثيين المدعومة بالقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح .

عندما اندلع النزاع المسلح الذي يعصف بالبلاد لأكثر من عامين كانت الصلو خارج نطاق الصراع وظلت بعيدة عن الحرب تستقبل المئات من ابنائها العاملين في مهن مختلفة والعائدين اليها نتيجة مألات الحرب في عدة مدن يمنية، ولم يكن في حسبان احد حينها انها في حسابات طرفي هذا النزاع ساحة لمعارك، لكنها مؤجلة.

 

●بداية الحرب

 مطلع اغسطس صيف العام 2016 وبعد سقوط مديرية حيفان المجاورة بيد المتمردون الحوثيون وحلفائهم، بدأت تحركات لقيادات عسكرية بالجيش الوطني اليمني في بعض مناطق الصلو وتمركزت فيها، وهو ما آثار ردة فعل انتقامية لتحالف صنعاء - الحوثي صالح - باستحداث مواقع في منطقتي ورزان ودمنة خدير وباشروا في قصفهم المدفعي والصاروخي على قري المديرية .

 

● مسارات الاحداث:

وفي السابع من الشهر نفسه كانت بداية المواجهات المسلحة واستخدام المديرية منطقة عسكرية وشهد جبل نقيل الصلو يومها معارك دامية اسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين نتج عنها حصار مطبق استنفد كل معالم الحياة البسيطة ومازال مستمرا.

 

يقول "عبدالله" (45 عاما)، “تركت البلاد مساء اول ايام الحرب، أخافتني اصوات الانفجارات وضراوة المعارك، خشيت على عائلتي، فأخذتها إلى صنعاء" .

 

وفي غضون ذلك تمددت المواجهات الى منطقة النجيبة وقرية الشرف ، وبدات وتيرة الاشتباكات تزحف باتجاه قري العقيبة والحود وصولا الى قرية "الصيار"، حيث شهدت القرية المكتضة بالمدنيين معارك ضارية تسببت بدمار هائل وبحالة رعب حقيقة وهلع في اوساط سكانها.

 

في اليوم التالي انسحبت القوات الحكومية  وما يساندها من مقاومة شعبية الى تبة الصيرتين الاستراتيجية والتمركز فيها ، فيما تمركز الحوثيون في قرية "الصيار" لتصبح الاخيرة - ساحة قتال- رئيسية لحربا بشعه بقسوتها وكلفتها على الناس بدأت في تدشين القتل والتدمير ، التهجير القسري والنزوح الى المجهول .

 

اشتدت ضراوة المواجهات بعد هذا التمركز لطرفي الحرب وحاول الحوثيون من توسيع نطاق المعارك باتجاه قرية "حمده" وسيطروا عليها، لكن سرعان ما استعادتها القوات الحكومية والمقاومة، ليعود كل طرف الى مواقعه . ظلت الاوضاع  في اشهر الحرب الاولى بين معارك الكر والفر وتبادل الهجمات ، وانقسمت المناطق الواقعة في دائرة الصراع بين الطرفين، لتتحول المعركة فيما بعد الى حرب استنزاف على ما يبدو يتبادل الطرفان السيطرة على الاراضي بشكل مستمر . وفي 18يوليو العام2017 تمكن افراد المقاومة الشعبية من ابناء المنطقة ومديريات الحجرية وتعز وبإسناد قوات الجيش من احكام سيطرتهم على قرية "الصيار" التي فشل مسلحي جماعة الحوثي وقوات صالح في اكثر من هجوم لاستعادتها .

 

مضى عاما كارثيا ومأساويا بامتياز، واياما من الحرب والحصار عاشها مواطنو الصلو لن تُمحى بسهولة من ذاكرتهم نتيجة آثار الحرب المدمرة، وانعدم مقومات الحياة.

 

- ويقول الصحفي "عبدالاله الحريبي" "هاهو العام الثاني من الحرب والصلو تختزن الكثير.. من الالم، الكثير ..من المعاناة ومن هجمات الانقلابيين على المدنيين فيها، لكنها تظل إحدى عناوين الصمود في تعز، عصية على ان تبتلعها مليشيات الانقلاب".

 

●حرب ثمنها الابرياء

ليس هناك من يدفع ثمن هذه الحرب أكثر من السكان المدنيين، شباب وشيوخ ، اطفال ونساء والذين نزحوا قسراً للعيش في ظل قسوة التشرد والمهانة. ومن كانت احلامهم في انتظار "وطن" جميل سياتي او "دولة" تخفف ولو جزء من أوضاعهم المأساوية، وتحسن من معيشتهم، فكانت الحرب بديلا وبمزيد من المآسي .

 

معظم ضحايا الحرب في عامها الاول ابرياء لا علاقة لهم بالصراع ولا بما يجري، سقط منهم العشرات قتلى وجرحى ، ناهيك عن الاف النازحين والتهجير القسري

لـ (500) اسرة ويزيد من قريتي "الصيار وبيت القاضي" ويخوض من تبقى وهم بـ"عشرات الالاف" حياة شبه مستحيلة وكل قرية بعيده عن الاخرى.

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه اي احصائية رسمية بعدد ضحايا الحرب المدنيين من القتلى الجرحى في الصلو، نشر موقع"26 سبتمبر" التابع للجيش اليمني تقرير، بسقوط 563 قتيلا من الطرفين في المواجهات منذ بدء الحرب دون يشير التقرير الى المدنيين الضحايا .

 

غير ان احصائية لناشطون من مختلف ارجاء البلدة تكشف عن سقوط 47 مدنيا بين قتيل وجريح خلال العام الاول من النزاع  في بعض المناطق، بعضهم  في قصف لمليشيات الحوثي صالح وبرصاص قناصتهم او بالغام زرعها مقاتليهم، والبعض الاخر في قصف لمقاتلات التحالف العربي، واخرين برصاص عشوائيا اثناء المواجهات، وبينت المعلومات ان بين هؤلاء الضحايا نساء وأطفال وكبار في السن .

 

وهذه اسماء بعض القرى وعدد الضحايا فيها كما رصدها الناشطون منهم من سقط برصاص وقذائف الانقلابيين ومنهم من سقط بغارات للتحالف العربي نتيجة احتماء الإنقلابيين بالمدنيين واتخاذهم كمتارس عسكرية :

 

-قرية الصيار: مقتل شاب واصابة امرأتين قنصا برصاص الحوثيين ...

-قرية الحود:  مقتل طفل بلغم حوثي ، و3 نساء  اثنتين برصاص قناص حوثي واخرى بقذيفة،  واصابة طفل ورجل مسن برصاص قناص المليشيات .

 

-قرية المعبران: 6 قتلى منهم 5 في قصف لمقاتلات التحالف العربي على احد المنازل وقتيل برصاص قناص حوثي ...

- قرية الذنيب: مقتل شخص بانفجار لغم زرعه الحوثيين واصابة اخر برصاص قناصتهم .

- قرية الضعة: مقتل شخص بانفجار لغم حوثي واصابة طفلة برصاص مباشر لأنها رفضت فتح باب منزلهم للحوثيين لاعتقال والدها ...-

- قرية المعينة : مقتل شخص برصاص راجع و4 جرحى  بينهم امراه برصاص قناص حوثي .

- قرية الشرف: مقتل11 شخص في قصف لمقاتلات التحالف العربي لاحد المنازل...

- قرية المقاطرة: اصابة امرأة...

- منطقة الرفصة: طفل قتيل .

 

- قرية الزنح: اصابة طفل برصاص راجع بالعمود الفقري واصيب بشلل كامل ...

- قرية الودر: مقتل 5 من اسرة واحده  في قصف حوثي على احد المنازل .

- قرية المجزرة: اصابة شخص برصاص راجع .

- قرية المدارين: مقتل شخص برصاص قناص حوثي.

- قرية القابلة: مقتل 3 اشخاص من اسرة واحده بينهم. طفلين في قصف حوثي استهدف احد المنازل.

- قرية اعماق: اصابة امرأة برصاصة قناص حوثي.

- قرية العزر: مقتل طفل بانفجار لغم زرعه الحوثيون.

 

وقد تكون هذه الاحصائية غير دقيقة، لكن العدد الدقيق للضحايا وحجم الكارثة الانسانية قد لا يعرف على الإطلاق، فالعيش وسط خطر القتل والاصابة اصبح من الوقائع اليومية هنا .

 

●كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة :

انعكست احداث النزاع وتداعياتها بشكل كبير على حياة السكان وحياتهم، فبالإضافة إلى القصف اليومي، وتدهور الاوضاع المعيشية . ظل الوصول إلى الغذاء والرعاية الطبية والإمدادات الأساسية، محدودا للغاية، كما ان الحرب قيدت تحركاتهم داخل وخارج البلدة.

 

ما يجهله الكثيرون هو أن الوضع اضحى خطيرا في الصلو والحياة اصبحت جحيم، فهجر كل من يقدر على الهجرة فيما يعيش الاغلبية في قراهم لكن كيف؟؟ يعيشون.

 

- يقول "عمار الصلوي" (25عاما)، "لا يمكن وصف مدى المعاناة والأضرار المعنوية والنفسية والمادية التي يتكبدها الناس، يعيشون مأساة وكارثة انسانية حقيقة، لاسيما المناطق في دائرة المواجهات والمجاورة لها،  تعاني من صعوبة نقل المواد الغذائية والتموينية نتيجة الالغام التي زرعها الحوثيون في الطرقات  والحصار الذي يفرضونه على المدخل الرئيس للمديرية  وهو ما تسبب بانعدام المواد الأساسية وبعزلة حقيقة للسكان ".

 

في الواقع، أصبح من الصعب أن يصمد الناس أكثر من ذلك وسط هذه المأساة التي تمر بها المديرية، وفي خضم موجات الدمار التي تجتاحها .

 

●"الصيار".. عام من الشتات والرحيل المر :

هي قبلة الصلو ومتنفس "اهل المعشار" كما يسمونها "، تعرضت لكثير من الظلم والقسوة .."غابت عنها ملامح الحياه وتحولت إلى قرية أشباح .. اماكن هجرها أصحابها قسرا تخفي في جعبتها العديد من قصص المعاناة والتشرد"... خالية ، الا من منظومات التوحش و"أكوام حجارة متناثرة كالأشلاء، وأشجار مترامية على جوانب الطريق ترفع أغصانها إلى السماء شاكيةً إلى الله ظلم ما حل بها " .

 

- التهجير القسري - من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، وعندما ترتكب بنية إجرامية من قبل طرف في النزاع، تشكل جريمة حرب ضد الانسانية ويخضع مرتكبوها للملاحقة امام المحكمة الجنائية الدولية ، ولاشك ان تهجير قرية "الصيار" وما حدث لسكانها يندرج تحت هذا البند  ،  عندما اجبرهم الحوثيون وحلفائهم مطلع سبتمبر من العام الماضي بمغادرة منازلهم وسط القصف وضراوة المعارك

 

يومها لم يجد الأهالي ، الا الذهاب (شمال وجنوب شرقا وغرب) وسلوك طرق وعره تسببت في اذى الكثيرين منهم، خصوصا كبار السن والنساء والمرضي ، وما زاد وفاقم المصيبة حينها هو تجاهل المنظمات ونشطاء حقوق الانسان ووسائل الإعلام هذا الامر وعدم الإشارة إليه .

 

غادرت القرية نحو 250 اسرة ويزيد. بعضها الى قرى مجاورة والبعض الى مدينة الراهدة واب والعاصمة صنعاء والبعض الاخر نحو المجهول، وجميعهم يعيش حياة قاسية، كما ان غياب منظمات الاغاثة زاد من مأساتهم . وتشير تقارير لمنظمات حقوقية الى ان، من بين المهجرين قرابة "174" طفل دون سن الخامسة، و"320" طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 18 سنة، بحسب شبكة الراصدين المحليين بمحافظة تعز .

 

●حكايات المشردين في شوارع النزوح:

> الاف المهجرين والنازحين من مديرية الصلو الذين اضطروا إلى ترك ديارهم بسبب المعارك ، يعيشون أوضاع إنسانية صعبه ويتجرعون مرارة وقسوة النزوح ، يوجهون مصيرا لا يقل سوءا عن الذين فضلوا البقاء في مناطقهم، التقيت بعضهم في العاصمة صنعاء وحال السواد الأعظم منهم لا يسر احد، يفتقرون إلى احتياجات اساسية من مأوى وغذاء وغيرها من وسائل  ومتطلبات العيش ، املهم ان يشعر العالم بمأساتهم ومعاناتهم .

 

يقول "مصطفى الحيدري"، احد ضحايا الحرب الذين نزحوا مع اسرهم الى صنعاء، "بسبب الحرب التي ادخلت الى مديريتنا "الصلو" في مثل هذه الايام من العام الماضي"، نعيش في تشرد ومهانة وبسببها ايضا فقدنا الكثير من اهلنا وممتلكاتنا ، هل؟ يا ترى سنظل عام اخر او اعوام اخرى كساحة حرب اقليمية ولتجار الحروب الذين يلهثون خلف السلطة والثروة والنفوذ ، غير أبهين بشعب يموت جوعا و فقد بسببهم كل مقومات الحياة . انها حرب ظالمة فرضت علينا "

 

اما "عز الدين" (25عام) نازح، بدا منفعلا وساخطا على الجميع وكل من اوصل البلد الى هكذا حال ، يقول : "السكان داخل القرى ومن يعاني  ويلات النزوح والتشرد، هم من يدفعون ثمن هذه الحرب، ووحدنا فقط من سيظل يدفع ثمنها مستقبلا دون غيرنا ، سنة كاملة ونحن في الشتات في عالم بلا انسانية ، تخلت عنا منظمات الاغاثة، وحقوق الإنسان تتجاهل مأساتنا .

 

تدخل الحرب عام اخر والناس تعبت من النزوح يشتاقون لتراب مناطقهم ويتذكرون اماكنها التي كان يملأها ضجيج وصراخ الاطفال وكانت اصوات المعارك وضجيجها بديلا ، يتمنون الجلوس في جزء من قراهم او منازلهم المدمرة على أن لا يتجرعوا تجربة النزوح مرة أخرى .

وانا اجمع معلومات هذا التحقيق بالعاصمة صنعاء اصطحبني صديق الى منزل احد اقاربه تتواجد فيه اسرة نازحة من الصلو ، وما ان وطئت قدمي الباب كانت امرأة في بداية العقد الخامس من العمر تجلس في حوش المنزل ، مسنودة على الجدار وراسها الى السماء كأنها تشكوها امر ما حل بها، اخبرها صديقي باني صحفي من البلاد وجئت من اجل الحديث معها ، وبعد السلام والسؤال عن الحال  بعد عام من النزوح ، بدأت حديثها  وهي مكلومة : "لم أعرف إلا قريتي يا ولدي،، وطوال حياتي لم أخرج منها، لكن أجبرتنا الحرب انا واولادي أن ننزح منها الى صنعاء حيث يتواجد اقارب لنا ، أنا مريضة لبعدي عن قريتي، ولم أتذوق طعم الحياة لأنني فقدت بقري وغنمي"، صمتت قليلا وارادت مواصلة الحديث، لكنها توقفت فجاءه كأنها تذكرت شئيا ما، وبعد صمت للحظات اجهشت بالبكاء لتنحدر دموعها على وجنتيها بحرارة أشد وطأة من لهيب الصيف الحار الذي خيم على منطقتها المنكوبة ليمتزج انين التشرد والشتات بدموع الاشتياق للعودة الى الديار  وقالت: "اريد ان اشم رائحة تراب قريتي" قبل ان اموت" .

 

●البطالة حرب أخرى تعصف بالمدنيين

> مئات العاملين بالأجر اليومي وذوي الدخل المحدود اصبحوا عاطلين عن العمل وبلا مصدر دخل يؤمن متطلباتهم اليومية، حتى من يحصلون على رواتب منتظمة من موظفي القطاعين الحكومي والخاص انقطعت مرتباتهم منذ اشهر ،  في احد قرى الصلو المنكوبة يعيش عامل البناء  "حمود الحاج"، في العقد الرابع من العمر، يعمل طوال ايام السنة داخل قري المديرية  بما فيها شهر رمضان ، كان مثلا للعامل الذي لا يمل على الاطلاق ، وجد نفسة عاطلا لعام كامل بسبب ركود العمل بفعل الحرب، ويقول مقرب من "الحاج"، بان الاخير يعول اسرة افردها 9 اغلبهم اطفال ، ضاق به الحال وبأسرته التي عجز عن توفير متطلبات العيش لها، واصبح في وضع نفسي حرج اثر تدهور وضعه المعيشي فيما منظمات الاغاثة لاتصل اليه .

 

●التعليم في عام الحرب.. حرمان قسري لمستقبل الطلاب

لا يختلف الوضع التعليمي عن الاوضاع  الأخرى، لكن العام 2016/2017 كان اسوا اعوام العملية التعليمية التي شهدت تدهورا مريعا، ليس في مديرية الصلو فحسب بل ومحافظة تعز ايضا . 20 مدرسة ويزيد هي عدد قوام مدارس الصلو، لكن العملية التعليمية فيها تكاد تكون مشلولة.

فالمدارس هنا تعرض بعضها للقصف من قبل الحوثيين ومقاتلات التحالف ، والبعض تحولت الى مقرات عسكرية، فيما البعض الاخر تضررت بفعل المعارك، حتى وان كانت هذه الاخيرة بقيت دون ضرر، فلن تتمكن من فتح أبوابها، فكثير من المعلمين تركوا مناطقهم نازحين و هم منذ اشهر بلا مرتبات ، لتتسبب الحرب في حرمان  ما يقارب  3000 طالبا من عام دارسي كامل .

 

●الوضع الصحي كارثة منسية :

مع تعرض الناس للإصابات والمرض، يصبح الوصول إلى الرعاية الصحية أمرا في بالغ الأهمية، ولكن مع استمرار الحرب، وجدت مؤسسات طبية نفسها عرضة للهجمات، وهو ما ادي الى أغلاق معظم المراكز الصحية أبوابها ولم يبق منها سوى قلة فقط، البعض تعمل من أَوْساط ما تستطيع العمل به ، واخري تعيش اوضاع كارثية وتقف عاجزة عن تقديم ابسط الخدمات لشحة امكانياتها في ظل الحرب . اما مستشفى الثورة الريفي  وهو اكبر منشاة طبية في الصلو ظل يعمل بوتيرة عالية على مدي 3 عقود ويزيد حتى في الايام الاولى للحرب  وفي اوقات تصاعد اعمال العنف والعمليات القتالية، طاله القصف وتعرض لأكثر من هجوم، فيما اعاق الافتقار إلى الإحساس بالأمان وصول كل من العاملين في المجال الصحي من المناطق البعيدة والمحتاجين إلى الرعاية الطبية . فوجد المشفى نفسه مضطرا للإغلاق .

 

●معونات الاغاثة والتلاعب بأسماء المستحقين

رغم الاستجابة الإنسانية للمجتمع الدولي في تقديم مساعدات إغاثة للشعب اليمني، الا ان عملية وصول هذه المساعدات الى المستحقين في كثير من المناطق ومنها مديرية الصلو تواجه كثير من الصعوبات

 

المناطق المحاصرة والمنكوبة كقرى عزلة الضعة لا تصلها المنظمات الاغاثية على الاطلاق والناس وضعهم مأساويا في ظل اوضاع حرب وحصار يعيشونها في الوقت الذي تتواجد فيه هذه المنظمات بشكل دائم في القرى الغير محاصرة

 

وابدا نازحون ومواطنون في المديرية ومن الاسر الاشد احتياجا لهذه المساعدات الانسانية وبأمس الحاجة لضروريات الحياة  ، ابدوا تذمرهم عند سؤالهم ماذا كانوا يحصلون على مساعدات اغاثية من منظمات دولية، وقالوا بان ما يحصلون عليه عبارة عن كيس قمح عبوة "50كجم" يوزع كل مرة في مناطق كثيرة على اكثر من اسرة، اضافة الى 2كيلو من السكر و3 علب من زيت الطبخ .

ويقول حقوقيون ان الإجراءات المطولة وعملية التوزيع شديده التعقيد التي يخضع لها العمل الاغاثي، أوجدت معها جملة من الاتهامات حول فساد وتلاعب بكمية المعونات وبأسماء المستحقين  ،

 

ويقول مصدر في العمل الاغاثي في الصلو ، ان المساعدات الإنسانية التي تأتي تكون شبه كافية بالنسبة للأسر المقيدة لديهم" لكنه يقول بان هناك تلاعب بكمية المعونات وبأسماء المستحقين ومحاباة تحدث لبعض المراكز على حساب مراكز اخرى.

 

ما يحدث في المجال الاغاثي يثير كثير من التساؤلات عن الجهات التي تقف خلف عرقلة توزيع المساعدات الانسانية بشكلها الصحيح، خصوصا والمعلومات توكد، ان هناك نافذين وموالين لهم يستحوذون على كميات من هذه المعونات .

 

هذه هي مديرية "الصلو" بعد عام من الصراع وتبعاته المأساوية في القتل والدمار والنزوح، تعيش كارثة انسانية ومأساتها تتفاقم مع مخاوف سكانها من اتساع رقعة جغرافيا النزاع اوتمدده لعام اخر.. تتعالي اصوات ابنائها المنادية بإيقاف هذه الحرب والكارثة التي تهدد مناطقهم وحياتهم.. وبسببها فقدوا الكثير ويعيشون حياة قاسية .. فمن يستجيب ؟!

متعلقات