صباح اليوم وقفت زميلتي في الكلية أمام حلمها
كانت قد كتبت عنه قبل سنوات
واليوم واجهته بلا حواجز أو مسافات
ثم أخبرته أنها لم تكن تتوقع أن تعيش ليوم كهذا
ولكن ما كان حلم الفتاة ذات الثلاثين عاما
غير أن تقف بين يدي البحر دون حتى أن تلمس قلبه أو تبحر فيه
نحن سكان الجبال
من هربنا يوما في الماضي السحيق من معركة السهول ومن ما تحمله الأمواج
يموت أكثرنا دون أن يرى اليم
يظل عالقا في ذهنه دون أن يبصره
مثله مثل كثير من الأحلام التي تدربنا على الموت ونحن في الطريق إليها أو نسينا وجهتها
ويوم نزلنا من السفح نحو المدينة والتمينا في الشوارع وحلمنا بإسقاط النظام وتغيير صورة رئيسنا كل أربع سنوات
رمانا إخوة لنا بالحجارة من سقوف منازلهم
أصرينا فشاهد العالم جثثنا عبر الشاشات وتعاطف معنا مؤقتا
حين كبر حلمنا عن رؤية البحر ولم نعد نخشاه
وصار الإبحار هدفاً لأحلامنا
ضعنا بالمجهول
أتى الكون كله ليحارب في كل صف لسنا فيه
تكالب علينا العالم
ابتداء بصاحب عمارة قديمة في الدائري
وصولا إلى مهندسي البيت الأبيض
والصارخين في الحوزات
وأصحاب الصحاري والقفار
صارت الحجار صخورا كبيرة وكل يدحرجها نحونا
هدمت تلك الصخور ما بنيناه من عُشٍّ صغير خلال عامين
دهستنا في طريقها نحو البحر
وبدلا من الأحلام التي رسمناها ونحن نحمل أطفالنا نحو الحرية لأجل مستقبلهم
حصلنا على النقائض
وصرنا نخشى عليهم المجاعة والتقزم
وبدل أن نلحقهم بجامعات نخبة العالم
وقفنا بهم أمام المشافي نبحث عن دواء
وقفت زميلتي أمام البحر تحدثت إليه
بكت فرحا
ثم كتبت وعينها تدمع
سألتها عن تلك اللحظة وعن زمن الرفقة
فقالت بعد وقت طويل إنها نسيت أني كنت يوما زميلها
لم أعاتبها
فكيف لمن فقد بلاده
أن يتذكر زميلا له كان يجلس خجلا في الصف الأخير داخل قاعة محطمة النوافذ
ثم حين كبر حلمه وتحدث من البقعة التي يقف فيها
صار مشردا تخيفه البحار
وتثير فيه مخاوف كانت في قلوب أسلافه وهم يتخلون عن السهول نحو الجبال