داخل مخزن في مقاطعة سومرست بإنجلترا، بدأت تتضح معالم مشروع شركة فيسبوك للسيطرة على الاتصالات في العالم، أو بمعنى آخر خطتها لربط ملايين المستخدمين في الدول النامية.
فقد أطلقت الشركة مشروعا باسم "بروجيكت أكويلا" الذي يهدف إلى بناء طائرة تعمل بالطاقة الشمسية يمكنها الطيران لأشهر فوق الأماكن النائية وبث خدمات الإتصال بالإنترنت.
وكانت شركة فيسبوك قد اشترت قبل عامين شركة صغيرة هي "أسينتا" متخصصة في صنع طائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية، وأصبح مالكها، أندي كوكس، مهندسا يدير مشروع "بروجيكت أكويلا".
وفي نهاية شهر يونيو/حزيران، تم تفكيك أول طائرة في هذا المخزن الواقع في منطقة صناعية في بريدجووتر ونقلت أجزاؤها إلى أريزونا، حيث أعيد تجميعها للقيام بأول رحلة طيران.
وظلت الطائرة بدون طيار، التي تتمتع بجناح يماثل طول جناح طائرة بوينج طراز 737 ويصل وزنها إلى ثلث وزن سيارة عائلية، تحلق في الجو لمدة 90 دقيقة وأبلت بلاء حسنا، لكن هيكلها الهش أصيب ببعض الأضرار عندما هبطت على حقل صخري ليس ببعيد عن مدرج الهبوط.
ويجري تصميم الطائرة كي تكون الأراضي العشبية محلا لهبوطها، في حين قال كوس، بعد عودته إلى بريدجووتر، أمامنا الكثير من العمل لإنجازه.
وأضاف : "هدفنا أن نطير 60 ألف إلى 90 ألف قدم فوق حركة المرور الجوية التقليدية في ظروف شديدة البرودة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر".
وقال : "هذا يعني أننا بإمكاننا الحركة حول إحداثيات معينة لتقديم خدمة الإنترنت بدون تداخل مع حركة المرور الجوية الأخرى".
وحاليا سجلت أطول رحلة جوية لطائرة تعمل بالطاقة الشمسية أسبوعين، لذا فإن الهدف الذي تسعى إليه فيسبوك من خلال طائرتها بدون طيار والتحليق لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر مازال يحتاج إلى بذل الكثير من الجهود.
ولابد من دمج جميع الخلايا الشمسية على السطوح العلوية للطائرة، مع الاحتفاظ بحركتها الهوائية وخفة وزنها قدر الإمكان.
وتستطيع الطائرة التحليق خلال النهار اعتمادا على الطاقة الشمسية، وفي المساء يمكنها الحصول على الطاقة من بطاريات تمثل نصف وزن الطائرة.
وكان مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، قد زار أريزونا كي يشهد أول رحلة طيران للطائرة، كما زار كبير المهندسين، جاي باريخ، سومرست عدة مرات للإشراف على تقدم سير العمل.
وقال باريخ : "مهمتنا هي ربط الجميع على الكوكب"، مشيرا إلى أن مشروع "بروجيكت أكويلا" واحد من مشروعات تكنولوجية تطورها فيسبوك لربط جميع المناطق النائية.
وتجنب باريخ الرد على سؤالي بشأن العائد على أصحاب الأسهم في فيسبوك من المشروع، مؤكدا أن الهدف هو مساعدة قطاع الاتصالات في تقليل نفقات الاتصال.
وتقول فيسبوك، التي يستخدم موقعها نحو 1.6 مليار مستخدم، إن هناك 1.6 مليار شخص آخر بحاجة إلى خدمات الإنترنت.
وبالطبع ليست فيسبوك وحدها على الساحة في هذه المهمة، فهناك مشروع آخر لشركة غوغل يعرف باسم "بروجيكت لون" يتضمن استخدام بالونات على ارتفاعات عالية لربط المستخدمين بالإنترنت في بعض المناطق النائية التي تهدف فيسبوك إلى تقديم خدمات بها.
وترغب كلتا الشركتين في أن ينظر إليهما كقوى خير في مجال الاتصالات على مستوى العالم، لذا نتوقع اشتداد حدة المنافسة بينهما.
وبالطبع لا تخل مثل هذه المبادرات من الجدل. وكانت الهند قد رفضت مشروعا لفيسبوك يطلق عليه "فري بيسكس" يهدف إلى تقديم خدمات اتصال مجانية ومحدودة للمواطنين عن طريق الهواتف المحمولة وسط شكوك من أن يكون الهدف من المشروع تقوية نفوذ الشركة.
لكن فيسبوك تتعامل بحرص هذه المرة في مشروع "بروجيت أكويلا"، مؤكدة أنها ستوفر فقط الاتصالات وستترك الخدمات الأخرى للشركات المحلية.
ويبدو أن زوكربيرغ لديه رغبة في توفير خدمات للمستخدمين على نحو يغير حياتهم. لكن هذا لا يمنع من أنه يأمل في أن تحلق طائرات فيسبوك بدون طيار فوق منطقة أفريقيا جنوب الصحراء قبل بالونات غوغل.