غياب رقابة الدولة وموت الضمير الإنساني
المستقبل أونلاين ــ تعز _ كريم الحاج

كان من تبعات الحرب التي تعيشها اليمن منذ مايقارب سته سنوات ارتفاع أسعار الدواء وإختفاء كثير من الأصناف من الصيدليات نتيجة توقف عدد من مصانع الأدوية عن العمل ما أضاف عبئاً جديداً على المرضى، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة.

وزاد إرتفاع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية من أزمة الدواء في اليمن مما جعل معظم الفقراء معرضون للخطر أمام عجزهم عن توفير الأدوية لمعالجة مرضاهم فيما يشكي مواطنون من تفاوت أسعار الأدوية من صيدلية إلى أخرى في ظل غياب كامل للرقابة الصحية الزيادات المتتالية في أسعار الدواء واختلافها من مكان إلى آخر قصمت ظهور المواطنين وحولت حياتهم إلى جحيم في ظل الأزمة الطاحنة التي تعيشها البلاد وانتشار أمراض معدية كانت البلاد خالية منها، لعقود من الزمن، كالكوليرا والدفتيريا والضنك والمرفكس التي انتشرت مؤخراً فضلا عن انتشار وباء فيروس كورونا في المحافظة هنا بتعز عامة أبناء محافظة تعز يعانون من أمراض متعددة بسبب تفشي الأوبئة والأمراض التي تفتك بمحافظة تعز بشكل عام وعلى ضوء ذلك لقد تتسبب جرائم التلاعب بالأدوية بتعز بوفاة المئات غالبيتهم من الطبقة الفقيرة غير القادرة على توفير أسعار العلاج الذي تقوم مافيا متنفذة بالتحكم فيه، في ظل إخفاق وزارة الصحة في تأمين أكثر من 400 نوع من الأدوية المهمة، كأدوية السرطان والكلى والقلب والأعصاب وترتبط غالبية شركات الأدوية العاملة في اليمن بسياسيين ومسؤولين حكوميين، أو شخصيات نافذة توفر لها الحماية، ما يجعلها تضاعف الأسعار دون حساب، ومؤخرا بلغت أسعار بعض العقاقير التي كانت الدولة توفرها بالمجّان في السنوات السابقة إلى مبالغ مالية كبيرة ووفقا لمسؤول في وزارة الصحة فإن بعض الأدوية يتم بيعها بثلاثة أضعاف سعرها، وقال: "المواطن مضطر لشرائها لأنه لا يوجد بديل عنها في المستشفيات هناك شركات أدوية يمكن اعتبارها مافيا الإحتكار في عموم أنحاء الجمهورية اليمنية فهي تسيطر على قطاع الأدوية وتمنع عودة معامل الأدوية في عدن وصنعاء كما تمارس ضغوطا على وزارة الصحة لمنع استيراد الحكومة أدوية تقوم هي باستيرادها

 

*وأشار المصدر الذي طلب إخفاء هويته لـموقع المستقبل أونلاين* إلى تلاعب الشركات بأسعار الأدوية وفاعلية الأدوية المستوردة، فهناك موظفون في مكاتب الصحةمتورطون مع تلك الشركات في عمليات التلاعب مشيرا إلى أن هناك أصناف محلية تتبع بعض شركات محلية كشركة فارما التي تنتج بعض العقاقير الطبية المهدئة أمراض الرأس والحمى الإ أن نلاحظ بأن هناك إحتكار كبير بسبب إقبال المواطنين لشراء فوار فارما المزود بالفيتامينات S بحيث وصول سعر علبة الفوار إلى مايقارب أربعه ألف ريال بعد أن كان لايتجاوز سعره فوق الالف الريال فقط

*غياب دور الرقابة*

بدوره، أكد أحد الأطباء في محافظة تعز بأن هناك غياب لرقابة من قبل السلطة المحلية بمحافظة تعز النقابة بحيث كان يفترض بأن تمارس نقابة صيادلة تحديد أسعار الأدوية بالاتفاق مع وزارة الصحة، من خلال مشروع يشمل تسعير مادّة دوائية بما يتناسب مع النوع وبلد المنشأ لمنع استغلال المرضى

*تجار الموت عديمي الضمير الإنسانية*

يتمادى بعض أصحاب الصيدليات في رفع أسعار الدواء بوضع تسعيرات خاصة بهم في حين لا يلتزم آخرون بالسعر المدون علي عبوات الدواء بحجه الزيادة في سعر الدواء جراء ارتفاع الدولار وأن هذه الأسعار قديمة حيث *يقول المواطن أحمد صالح سيلان لـموقع المستقبل أونلاين* إن ظاهرة جديدة اجتاحت صيدليات تعز في الأونة الأخيرة تتمثل في تفاوت أسعار الدواء واختلافه من صيدلية لأخرى ويضيف سيلان قبل أيام قلائل دخلت إلى إحدى الصيدليات بتعز لأشترى دواء السعال فوجدت قد بغلت نسبة الزيادة في الأسعار 200% في ظل عشوائية اعتمدتها الصيدليات وسط غياب تام لأجهزة الرقابة الصحية حيث شملت إرتفاع أسعار لبعض الأدوية مقارنة بالأسعار السابقة لجميع الأدوية العلاجية بما فيها المنقذة للحياة

*ويرى المواطن سميح عبدة علي* بأن هناك تخبط واضح من حيث فرض تسعيرة موحدة للأدوية حيث يحكى بأنه ذهب يوم أمس الأول لإحدى الصيدليات في شارع جمال وسط مدينة تعز لشراء دواء forte 500 mg glocored المخصص لمرضى السكر  فكان سعره  (2500 ريال) في حين أن صيدلية أخرى في نفس الشارع وعلى بعد مئات الأمتار فقط من الأولى تبيع نفس المنتج الدوائي بسعر (2000) ريالاً! السيناريو ذاته بات يتكرر يومياً لمئات المرضى في مختلف المدن اليمنية وبات من المستحيل أن تجد نوعاً واحداً من الدواء من نفس الشركة المصنعة يباع بسعر موحد في أكثر من صيدلية فلا ضابط ولا رقيب لسوق الدواء نتج عن هذه الفوضى زيادة أعداد الفقراء الذين باتوا يتجمعون في الأسواق المكتظة وأمام الصيدليات، يطلبون من المشترين دفع فاتورة الدواء أو المساهمة فيها بعد عجزهم عن توفير قيمته التي تضاعفت بشكل كبير.

 

*تسعيرة الأدوية من قبل نقابة الصيادلة خطوة مهمة*

 

*ومن جانبه يرى الصيدلاني رامي يحيى* إن "تسعير الأدوية من قبل نقابة الصيادلة خطوة مهمة وجيدة، ولكننا نعاني من الأدوية المغشوشة التي غزت الأسواق، وأسعارها تنافس أسعار الأدوية الأصلية، ويجب على الحكومة منع تدفقها مع العمل على تحديد الأسعار"وأشار إلى أن "الصيدليات تتعامل وفق الأسعار التي تصلها من وزارة الصحة، وارتفاع أسعار بعض الأدوية مرتبط بسعر الشركة المنتجة، ويصل سعر بعض الأدوية مشيرا إلى أن طيلة فترة الحرب بمحافظة تعز برزت ظاهرة الصيدليات الغير المرخصة في تعز التي لا تحتكم إلى تسعيرة خاصة بالأدوية كما أن العاملين في تلك الصيدليات لاتتوفر فيهم الشروط الواجبة كالشهادة أو الخبرة لذلك يتم ابتزاز المواطنين من خلال تلك الصيدليات كون هدفها السامي هو المتجارة بكل شيء فعلى الاقل هناك أدوية مفروض أن تكون مجانية، لكن يتم تسريبها وبيعها في السوق السوداء، وعندما يذهب المواطن إلى المستشفى لا يجدها، بزعم أنها نفدت

*تهريب الأدوية عبر مافيا من كبار هوامير الفساد من ذوي النفوذ*

ويقول المواطن أحمد منصور من أهالي وسكان صنعاء أن إنقلاب مليشيا الحوثي المشؤوم وسيطرتها كسلطة أمر واقع في بعض المحافظات اليمنية الغير محررة أصبحنا في دولة تمكنت منها الفوضى ولا أبالغ إذا قلت إننا أصبحنا نعيش في غابة يحكمها الظلم والفساد ويسودها الجشع والطمع والاستغلال والضحية المواطن المسكين ويتابع "الزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية في السوق المحلية واختلافها من مكان إلى آخر أثرت على أحوال المواطنين، مشيراً إلى أنهم قد يتحملون الجوع لكن المرض قد لا يمهلهم للبحث عن الدواء من صيدلية إلى أخرى".

 

 مضيفا بأن الوضع لايختلف بين المحافظات اليمنية سواء المحررة أو الغير محررة فهنا بصنعاء مليشيا الحوثي فتحت باباً جديداً لتجار الموت الذين لا تهمهم حياة المرضى ولا يفقهون إلا الربح حيث اتجهوا لتجارة الدواء المهرب التي انتعشت في ظل الفساد المستشري وغياب الرقابة من قبل الجهات الحكومية.  ورغم الحرب والحظر البحري والبري والجوي المفروض من قبل التحالف العربي إلا أن تجارة تهريب الدواء نشطت مؤخراً، حيث تتم أغلب عمليات تهريب عبر مينائي الحديدة والصليف (غربي اليمن) الواقعان تحت سيطرة مليشيا الحوثي حيث معظم الأودية المهربة تدخل عبر مينائي الحديدة والصليف باسم جهات حكومية معفية من الضرائب والجمارك وجميع الرسوم إلا أنها تورد إلى مخازن التجار بحيث ارتفع حجم الدواء المهرب في اليمن إلى أكثر من 80 بالمئة من حجم سوق الدواء، وذلك منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء مطلع 2015، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 60 بالمئة أواخر 2014بحسب إحصائيات لمنظمات طبية غير حكومية

*إرتفاع أسعار الأدوية ساهم في تدهور الحالات المرضية*  

 

*الدكتورة شروق الأغبري* *(إخصائية باطنية)* أكدت أن ارتفاع أسعار الدواء في الصيدليات، ساهم في تدهور كثير من الحالات المرضية وقاد البعض للجوء إلى الحصول على الأدوية البديلة المهربة والمغشوشة المنتشرة في السوق المحلية والتي عرضت كثيرا من الحالات لانتكاسات طبية.

 

وأشارت في حديثها لـ موقع المستقبل أونلاين إلى مفارقة وهي أن بعض أسعار الأدوية تتفاوت من صيدلية إلى أخرى في السوق المحلية وعلى مستوى المدينة الواحدة الأمر الذي يؤكد غياب الرقابة وسيطرة مافيا الدواء على السوق،على حد تعبيرها ووصفت ما يحدث الآن في سوق الدواء اليمني بالمهزلة، كما أنه جريمة يحاسب عليها القانون، كون هذا التلاعب يتسبب في الحاق الضرر بالمرضى وموت البعض منهم.

 

وطالبت الجهات المعنية بتفعيل الرقابة الصحية على الصيدليات ومخازن الأدوية بمختلف المحافظات وفرض رقابة مشددة عليها، واتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين بما يحمي المستهلكين ويحافظ على صحتهم وسلامتهم.

متعلقات