محمد الجرادي للمستقبل اونلاين : الشعر لا يستطيع ان يوقف هذا العبث الغاشم ضد الانسان و الحياة
المستقبل اونلاين - صنعاء

الشاعر والصحفي محمد الجرادي  احد اهم الاصوات الشعرية اليمنية الشابة التي استطاعت ان تحفر   اسمها  في قلب ووجدان القارئ والمثقف   بل وحتى الانسان العادي  فاللغة الشعرية القوية و الانشغال على اللغة  والتجريب المستمر ساعده على هذا ونحن بدورنا في موقع المستقبل اون لاين التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار :

حاوره عزالدين العامري 

- من هو محمد الجرادي الانسان والشاعر والصحفي هل ثمة اختلاف ما ؟

في ظاهرية هذا السؤال ..وعلى تقليديته ايضا، يبقى من العمق ومن الأهمية. اذ من الصعوبة بمكان ان يحيط المرء بنفسه على نحو عادل ونزيه. وأظن الأمر يتطلب "الحكمة" للتيقن من معرفة المرء لنفسه . وما كان العقل الفلسفي أن يوجز هذه المعضلة في كلمتين لحكمة شهيرة مفادها ( اعرف نفسك) لولم تكن هذه الجزئية من الجوهرية في منظومة المعرفة الانسانية .. هنا..سيكون من الادعاء طبقا لهذا الاستهلال الفلسفي ان اقدم تعريفا عن نفسي. إنما ببساطة متناهية اقول: انني واحد من هذا الجيل الذي يكابد اغتراباته ذاتيا وموضوعيا ..هذا الجيل الذي توارث الخيبات والهزائم الانتكاسات .. ووجد نفسه داخل منظومات صراع هي الأكثر حيوية وفاعلية..

ايضا.. محمد الجرادي، هو احد العشرات من الادباء والصحفيين اليمنيين الذين يقامرون واقعا بالغ القسوة والعذابات.. وكثيرا ما يحلمون بالخلاص بأنفسهم خارج هذا التكدس اليومي والدوران في الفراغ الهائل ..خلف توافه المعيشة الأساس..!

كل هذا التشظي أنا ..

وأنا كل هذا الحنين

 الذي في القلوب

- ما هو الشعر وما  هو حاجتنا إليه  ؟

- اظن ، ما من تعريفات محددة تستطيع ان توجز هذا التساؤل: ما هو الشعر? واذا جاز لي تعريفا له فهو ذلك الكائن الذي يمثل خلاصة التوق الإنساني نحو الفضائل والقيم الخلاقة ..كما هو الأكثر جسارة في تجاوز مآزق الوجود والمنظومات المختلة في الحياة ؛ من خلال استنطاقه لكل ماهو حي وناهض ونابض في الروح الإنسانية.

واذا كان هنالك من سبب رفيع للحاجة الى الشعر ؛فهو ذلك الضروري في مسألة إعادة التوازن لصالح ما هو روحي وقيمي في الحياة. وعند هذه الحال ، يجوز ان ننظر الى الشاعر ليس بكونه الشاهد على احداث ومجريات واقع يعيشه فحسب، وإنما بكونه صاحب رؤية مغايرة ومتجاوزة لهذا الواقع . ورؤيته هذه لابد انها تحمل بذور امكانية الخلاص والتحرر ..وترسم افقا مختلفا لإحلال قيم الحرية والحق والخير والعدل والحب والسلام . الشاعر في جوهره أكثر رؤية من السياسي.. انه يتجه نحو اعلاء الفضائل ، نحو الغاية المثلى للوجود الانساني .

*أين هو الشاعر اليوم في هذا العالم المكتظ بالصراعات والحروب  ودور الشعر في كل ما يدور ؟

- يحضرني بالمناسبة توصيف بارع للشاعر اللبناني الكبير محمد على شمس الدين.. مفاده: ان الشعراء في عالم اليوم المكتظ بالحروب والصراعات.. واختلال القيم.. هم أشبه بعصافير ترتفع صيحاتها حين تحس بالحريق يلتهم الغابة. تماما.. يبدو هذا التوصيف أكثر تطابقا وواقعية.. فالشعراء والأدباء لا يملكون داخل دورات الصراعات والحروب تحديدا ..سوى محاولة الاحتجاج بالصراخ .

الشعر اليوم ، لا يستطيع ان يوقف هذا العبث الغاشم ضد الانسان وضد الحياة ..لكنه يستطيع ان يحتج ..وان يناهض ويرفض في حدود امكاناته وقدراته ، علاوة على كونه الشاهد الأكثر نزاهة جراء ما يحدث.

 - عصر الوسائط والمعلوماتية ما مدى تأثيرها على عوالم الشعري في ظل هذه الطفرة الرقمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم ؟

- دعنا نفترض ايجابا في هذه الكثرة وان كانت غير كيفية ..انطلاقا من الدوافع الباعثة على هذه الكثرة من الشعراء.. وفي الواقع.. هي لا تعبر عن مشهد منتظم الابعاد.. وهي اقرب للفوضى.

صحيح، هناك تجارب عديدة تظهر تباعا بفعل المتاح من تقنيات التواصل الاجتماعي ، وتعدد القنوات الفضائية ، وتمثل اضافة جديرة بالإشادة.. لكنها بالكاد يمكن ان تسجل حضورا، بالنظر الى كل المحاولات او بالأصح الافتراءات المقترفه باسم الشعر .. وحتى تلك الصيغة من المسابقات الشعرية التي تتدافع القنوات الفضائية على تنفيذها.. هي في المحصلة تسهم في هذه الفوضى الشعرية.. وتعمل على تعويم المشهد.. بقصدية او بغير ذلك.. هذا ما لا استطيع الجزم فيه.

- هناك من يقول أن الزمن ليس زمن الشعر بل زمن الراوية ما هو تعليقك ؟

 - ما أكثر ما دار ويدور من حديث حول هذه الجزئية ..ولربما اخذ ذلك من الوقت والجهد أضعاف ما يدار من حديث حول امكانية الإفادة من التسارع التقني والتكنولوجي في انعاش المشهد العربي الثقافي والادبي برمته..!

 لست هنا من الانحياز للشعر ولا من الانتقاص للرواية اذا ما بقي اعتقادي في ان الشعر هو كل الأزمنة، و ثنائيته الحميمة هي الرواية بلا شك.

- الشعر والصحافة أين يجد محمد الجرادي نفسه ؟

- ليس أكثر من كوني لا اتنفس بصورة صحية الا من الرئة التي يتنفس الشعر والقصيدة..

انا امتهن الصحافة ايضا ..ولطالما ادركت ان هذه الأخيرة هي بالوظيفة التي لا يمكنها في الواقع اليمني ان تمنحك معيشة كريمة دون ان تبتسر من معناها وجوهرها ..وتصبح شخص لمهنتين في آن واحد: صحافيا..وماسح جوخ!

  • كثيرة هي الأسماء الحاضرة في المشهد الشعري الإبداعي فمن يا ترى من الأسماء الإبداعية لفتت انتباهك   ؟

من الصعوبة الاحاطة بأسماء شعرية تمثل الأقرب الي.. فكل ذلك الجيل الذي انتمي اليه (جيل التسعينيات) هم أقربائي ..هههه واظن انه كان جيلا محظوظا الى حد ما بكونه استطاع ان يمثل مشهدا لافتا.. بغض النظر عن تناسخ وتشابه اصواته وتجاربه ! ولعل من الجيد الاشارة هنا الى جيل الألفية ..فهناك اصوات وتجارب لافتة وجديرة بالذكر.. ومن الاسف تبقى في عداد المغمورين والمطمورين.. أمثال محمد الحريبي.. قيس عبد المغني..ايمان السعيدي.. وطه بشر ونبيل الحكيمي  وآخرون ارجو ان يصفحوا عني لعدم استحضارهم..

  • ما هي نتاجات محمد الجرادي الجديدة  ؟

لعل هذا السؤال هو من اكثر الاسئلة التي تؤرق الاديب او الشاعر او الباحث الاكاديمي هنا في اليمن..مبعث ذلك، انه ما من حافز لمهمة اصدار جديد.. لذلك اعتقد انني واحد من العشرات الذين يملكون اكثر من مخطوط شعري او روائي او فكري رهن الاحباط ..

ربما كان للعزيز القاص هشام محمد دور في اقناعي بإصدار مجموعة هي الأخيرة (لا ظهر لي) في العام ٢٠١٤ عن مشروع طباعة اعمال للفائزين بجوائز رئس الجمهورية في دوراتها السابقة.. وكان لي اصدار مجموعتي الاولي طبعة ثانية في عام صنعاء عاصمة للثقافة العربية.. وهي المجموعة التي صدرت ضمن اصدار جائزة العفيف الثقافية للعام ٢٠٠٢. الى جانب ذلك مجموعتي الثانية (شتاء الاصابع )عن جائزة رئيس الجمهورية للشباب عام ٢٠٠٧

وعموما.. لدي مجموعتين رهن الانتظار : ( منسيات) واخرى لم اتفق بعد على تسميتها..!

 

تفاوض

 

يتفاوضون..

على البقايا من بلاد أينعت° في الريح ..

فاضت بالنعوش ، وبالمقابر .

هل سينهمكون في معنى الخروج من الحبائل ،

والدوائر.!

 هل تفض تفاوضات اليوم ، ما فاضت° به بالأمس.. ؟

لست' على يقين بالذي سيجيئ ..!

لكني عهدت' الحرب معنى رائقا .. لتفاوض الفرقاء.!

يا قلبي الذي أدمنت- ملح الشك.

هل تتشكل الرؤيا .. وتنهض في الضمائر غاية المعنى :

بلاد" هدها التعب'

 

 

جنون..

والجنون : مدار نبلك ،أو توهجك الكثيف على الرصيف !

فكن رصيفا ،

في بلاد غادرت أسماءها.. وصفاتها .

 فلربما ، من عري صوتك في الصدى..

صيف" يعود !

 

متعلقات