نوستالجيا * سحر موسى

صباحُ الخير
يا وجهي في المرآة،
يا طينَ طفولتي العالقَ في قدمي
مثل وشمٍ مؤسفٍ يستدعي الندم،

يا تعويذة الحرباء
وتغيٌّر الألوانِ في جسدي،
يا قسوتي على ذاتي،
يا جريمةَ قتلي لجميع أمهاتي،
وإعلانَ أبوتي لنفسي،
صباح الخير يا ابتسامةَ الوداع
في صورة
فوتوغرافية
قديمة..

صباحُ الخيرِ يا يديَّ على الكيبورد،
تحاولان تعلمَ الكتابةَ من جديد
دونَ أدنى فكرةٍ تحكُ الرأس
أو تستحق الكتابة..
...

لقد توقفنا عن الحب، عن تجربة الحياة، واستعراضِ عضلاتنا الفكرية،
الحديث عن خبرتنا في الاكتئاب واستهلاكنا وحدتنا وحبوب العلاج، اهتمامنا في موضوعاتٍ مؤلوفةٍ كالفن والدين والفلسفة، توقفنا عن تذكر قبلاتنا الأولى، وعن الرغبة في تكوينِ صداقاتٍ جديدة.

لم يتبقى سوى ابتلاعُ الوقتِ لنا،
وابتلاعنا للوقتِ
على فقراتٍ تشبه الإعلانات التجارية
التافهة والطويلة،
نترجم سخريتنا من أنفسنا
وسخريةَ الحياةِ منا،
نتأملُ أجسادُنا الرثة في المرايا،
ولا نرى خلفها سوى عارُنا الشخصي،
حارسٌ يمنعنا من استخدامها في تمشيةٍ صباحيةٍ خفيفة

...

عندي إدمانٌ على رؤيةِ الجمالِ في التشوهاتِ،
الجسدُ كسرٍ دفين،
الرقةُ في شكلِ الموت السريع،
الأغنيةُ كحزنٍ هائلٍ،
والصباحُ كموعدٍ لمقتِ الذات والبحث عن سببٍ مناسبٍ للانتحار،
كل ما حولي جميلٌ الآن
جمالٌ دقته عالية
ويدفعني للتقيؤ،
أستعينُ بالتكنولوجيا لإرضاء شهيتي للقبح،
أتجولُ في محرك البحثِ قاصدةً أشياءَ رهيبة،
لأعلن عن التشوهاتِ في داخلي،
لأراقبها تدورُ في غرف رأسي المعتمة

...

الهروبُ مثل الرقصِ في قدمينِ عارفتين،
والملاذُ شيخوخةٌ مبكرة
ومساحةٌ مفتوحةٌ لانهياراتٍ كبيرة،
أخضعُ نفسي لفحصٍ يوميٍّ لموروثيََ النفسي
لأجدَ سبباً لألا أكونَ سعيدة،
لتأكيد أن بنوتي لم تكن يوماً للحياةِ،
ولكن لتجنُبِ الموتِ،
في الطرقِ الجانبية،
والأرصفةَ الهجينة،
للمقاهي الرديئة،
ولنقصِ الأكسجين، وانسدادِ الشرايين، وثقوبِ الرئة والقنواتِ الهوائية،
أنني بنت الغرق وليس الماء،
والسقوط في فكرة التحليق،
والنقص نقيضُ الاكتمال،
والأسئلةُ مبتورةُ الأجوبة،
والبحث الدائمِ عن صفرٍ هائلٍ أحملهُ في يديَ،
وأدلِلــه مثل قطٍ أليف..

* شاعرة فلسطينية

متعلقات