معظم أبناء السودان يعرفون ويرددون قصيدة البُرعي اليماني.. يا راحلين إلى منى.. عرفوها بصوت المنشد الراحل السماني أحمد عالم ومعظم أبناء السودان إذا ما ذكر اسم اليمن يخطر على بالهم أشعار حسين بازرعه وأغاني عثمان حسين..حفر اليمن في وجدان السودانيين ببازرعه والبرعي، وعرف مثقفينا أشعار المقالح والبردوني، وعرف سياسينا عبدالفتاح إسماعيل والحمدي، و لطالما أفتخر السودانيون أن وقف نزيف الدم اليمني بين الإمام َوالجمهوريين كان في الخرطوم وعلى يد وزير الخارجية الراحل محمد أحمد محجوب، عندما كان للدبلوماسية السودانية ألقها و تأثيرها على المحيطين العربي والافريقي، لن أوغل في التاريخ فموضوعي الأساسي هو الرواية اليمنية المظلومة والمسفوك دمها بسيوف التجاهل العربي عمداً ومع سبق الإصرار و الترصد، كنت محظوظاً عندما أعارني أحد الأصدقاء رواية الرهينة لزيد مطيع دماج.. دماج الذي هُضمت روايته باعتراف الروائي المصري صنع الله إبراهيم؛ عندما رفض استلام جائزة معرض القاهرة للكتاب احتجاجاً على الكثير من القضايا والمواقف السياسية، لكنه في كلمته التي أعلن فيها رفضه استلام الجائزة أشار إلى من يستحقها في كلمة حق يندر أن نسمعها في عوالم القهر والقمع المدجنة بكل عنيف وقبيح، ثم تمر السنين لأجد بالصدفة في مكتبة طرفيه أغبرت وخشنت أغلفة كتبها من ضعف الطلب عليها رواية حمار بين الاغاني لوجدي الأهدل، وللمرة الثانية أجد نفسي أمام قامة روائية ضخمة تمتلك موهبة حقيقية متسلحة بالمعرفة والاطلاع الواسع، ثم كان لي أن أتعرف على علي مقري وعوالمه التي تشدّك من أطراف قميصك نحو اليمن، قرأت له بخور عدني تجول بي في أزقة عدن وأحياءها؛ إنه يتحدث عن جنون المدن الساحلية وتفاصيلها التي لا تشبه إلا المدن التي اختارت يابستها أن تنام بجانب الماء وتقتسم معه مواجهة الحياة والنظر إلى السماء.
لم أسمع بأحد هؤلاء الكتاب ينال جائزة ولا أدري ما السبب؟؟
والسؤال موجه لمن يختارون النصوص الفائزة في مسابقات الكتابة الروائية بماذا تقل رواية بخور عدني أو اليهودي الحالي عن تلك النصوص التي منحتموها جوائزكم.؟
ألم تقرأوا إبداعات َوجدي الأهدل أم إنه عمى البصائر واعتبارات أخرى لا تمت للأدب والإبداع بصله، وأسفاه على يوسف وهو يلقى في غياهب الجب في كل مسابقه وجائزة تنسب للعروبة.
أحمد محجوب
*كاتب من السودان