أصوات نسوية في الغناء اليمني خلال نصف قرن !!
2020/10/20 - الساعة 09:39 صباحاً
محمد عبد الوهاب الشيباني
بعد كتبه الخمسة في الفن والموسيقى : " سعودي أحمد صالح - حياتي وفني "، و "الموسيقى والفن - مدخل ببليوغرافي" و " محمد عبده زيدي - كبير جاء في زمان الكبار" ، و "بلبل اليمن عوض أحمد" ، و "فضل كريدي - فنان من بيت فن" أصدر قبل أيام قليلة الباحث الدؤوب الدكتور يحيى قاسم سهل كتابه السادس في هذا المضمار، وبعد إصدارات متعددة في التوثيق التاريخي لمنظمات المجتمع المدني، والسهل في القانون.
بقيتُ أنتظر هذا الكتاب قرابة عام منذ قال لي أنه بصدد اتمامه القريب ، فموضوعه المهم " الأصوات الغنائية النسوية في اليمن 1950- 2000" ، وطابعه التوثيقي لسير فنانات يمنيات خضن غمار المواجهة الصلبة في ،الشمال والجنوب ، مع جدار العزلة والمحافظة والتحريم خلال خمسين عاماً يغري على الانتظار ، والقراءة والكتابة تالياً، وغير ذلك إن هذا الكتاب سيسد نقصاً واضحاً في المكتبة اليمنية في هذا الجانب ، وإن توقيت صدوره في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ اليمن واليمنيين لهو رد بليغ على تجريفات الهوية الثقافية والحضارية التي يزاولها عصبويو المذهب والمنطقة والقرية.
الظروف القاهرة التي أحاطت بهن كنساء من جهة ، ومن جهة ثانية بامتهانهن للفن بوصفه فعلاً مجرَّماً في الوعي المحافظ لم تمنع العديد من الرائدات منهن ، في حقبة من الزمن ، من لعب " أدوراً بارزة في تأدية الأغاني الكلاسيكية والحديثة ، وكذا الأغاني التراثية ، فأبدعن في الارتقاء بالفن النسائي ، حيث قدمن نماذج نادرة وجميلة من الأغاني اليمنية الرائعة ، وقد وفقن آنذاك في إظهار النمط الفني النسائي الراقي في مجال الغناء اليمني.. لكننا مع الأسف فوجئنا باختفاء هؤلاء الكواكب ، مما أطفأ وهج الإبداع النسائي في اليمن ، ولم نعد نعثر على مآثرهن ، فقد أختفين إما بالزواج ، أو الانشغال ببناء الأسرة أو بالموت أو بالاعتزال" ص16
قرابة ثلاثين صوتاً نسائياً في جنوب اليمن وشماله ، قام معد الكتاب بتظهيرها في عمل تجميعي مهم للغاية ، الهدف منه كما جاء في المقدمة " توثيق الأصوات التي تحدت التقاليد الاجتماعية البالية وقيود الماضي المتخلف ، وأثبتت وجودها ضاربة بكل ذلك عرض الحائط إن جاز التعبير"، لهذا تغدوا المعاينة لهذا الفعل بعد سبعة عقود جزءاً أصيلاً من مقاربة فعل التحول في المجتمع.
كانت هذه الاصوات ، حتى تصل الى المسامع ، بحاجة الى حاضنة ثقافية وجغرافية تساعدهن على الانتشار في ذلك الوقت فكانت عدن ، المدينة التي لعبت كوسيط تنويري مهم في الجغرافية المغلقة, ففي حوافيها العتيقة ولدت أبرز هذه الاصوات الغنائية ، ومن مسارحها انطلقت وخلقت جمهورها المتعطش للسماع ، وعبر أثير اذاعتها سهر الناس لسماع الغناء والطرب، ومن محلات الموسيقى فيها خرجت الاسطوانات مشبعة بالألحان ودفء الكلمات.
ومن الاسماء الغنائية التي وثق لها الكتاب نبيهة عزيم ورجاء باسودان وفتحية الصغيرة وتقية الطويلية ونبات أحمد وكفى عراقي ومايسة أحمد منى علي ونجاح احمد "ثابتة" وأمل كعدل ومنى همشري ولول حسين وصباح منصر وماجدة نبيه وغيرهن من الأسماء
متعلقات