في حوار خاص مع المستقبل أونلاين
الشاعر والناقد محمد البكري : لست ناقدا وما أحاوله أحياناً نظره انطباعية أكثر من كونها علمية
المستقبل اونلاين ، عدن ، حوار عزالدين العامري

شاعر وناقد متميز؛ الشعر عنده سلوك وأخلاق وليس فقط صور شعرية جميله ورغم انه يرفض ان يصنف ما يكتبه نقدا تواضعا منه؛ ولا يحب أن يتحدث عن نفسه؛ ولا يحب الحوارات كثيرا؛ مع ذلك اجرينا معه هذا الحوار بعد تمنعات واعتذارات كثيرة ، انه الشاعر والناقد محمد قائد البكري فإلى الحوار :

- من هو الكاتب  والشاعر محمد البكري ؟

- لا ارى نفسي كاتبا،  ما أكتبه يمكن ان يكون من قبيل التنفيس أو الظن في لحظة ما أن هناك ما يمكن أن اقوله،  أو على سبيل إعادة الاتصال بالعالم.

- ما هو رأيك عن ظهور ما يمسى أدب الحرب ؟

- أظن أن أدب الحرب،  هو الأدب المعني بموضوع الحرب سواء أكان هناك حرب أم لم يكن ،  وهو  يعني تمجيد الحرب أو إدانتها، وقد يعني النظر في أسبابها ودوافعها وتداعياتها.

في سياق ما يحدث منذ سبع سنوات أظن أن خطاب الكراهية ساد وابتلع كل إمكانية للحديث عن أدب من أي نوع كان،  ماعدا بعض الشعر الذي يمكنه أن يرصد في سياق التحريض والهجاء السياسي.

ووحدها الزوامل أخذت حيزا واسعا في الإنتاج و التداول وصارت فن الحرب الأول ، في الرواية لم أطلع على ما يمكن إدراجه في أدب الحرب ، ولعل أدب الحرب ينشط بعد انتهائها واستعادة الوعي والمعنى.

- ما معنى أن يكون الإنسان شاعرا،  ومتى يحدث أن يفهم الإنسان معنى أن يكون شاعرا وهل يظل الإنسان شاعرا طوال حياته؟

ولقد صرت أرى في الألقاب من أي نوع وتحت أي مبرر نزوعا بدائيا لتظهير دونية الذات.

  لكن بين حين وآخر  أعيد مساءلة الذات عن الصفة الأقرب إليها فيما يظنه الناس بها،  وهنا يحاصرني السؤال: هل ما زلت شاعرا؟

بدلا من التساؤل:  متى كنت شاعرا.

وسرعان ما أهرب إلى الكتابة بوصفها فعل خلاص معنوي أو بحث عن مدى ما بقي من الحياة  في جسدي، تاركا للتلقي أن يختلق لما أكتبه ما يراه من القوالب.

- ما هو رأيك بتصنيف الفنون والأشكال الابداعية تحت مسميات متعددة ؟

- كل تلك أسئلة يُعاد طرحها مرارا وتكرار وغالبا ما تكون الإجابة عنها خاضعة لمتغيرات الفهم بين مرحلة وأخرى من مراحل العمر والتجربة الحياتية والخبرة الجمالية ، وهو ما يعني أن الإجابة غير محسومة فما أكثر ما صرت أرى أن تصنيف الفنون يسلبها الكثير من تلقائيتها وحيويتها ورهافتها،  وصرت لا أعنى بصراع الأشكال ولا أرى فيها أكثر من مسميات اعتباطية تم ترسيمها وشحنها بخطاب تمييزي غير جمالي ينسى البحث عن الجمالية تحت وطأة الانتصار للشكل والنمط. وهذه المعركة  تدل على شغف الإنسان بالتملك أكثر من كونها محاولة لمساءلة ماهية الأشياء. من هنا محاولة للإعادة الاعتبار للفن أنحاز لما يشعرني بالدهشة دونما حاجة إلى تصنيف ذلك.

  • ما هو الابداع من وجهة نظرك ؟

كثيرا ما انحصر فهمنا للإبداع على انه انتاج شعر ونثر وبعض الفن التشكيلي. واكثر من هذا بؤسا أننا اختلقنا صفة مبدع وصرنا نتداولها وكأنها امتياز وتفوّق، في حين ان فعل الابداع يقوم به كل إنسان على مستويات مختلفة، وفي هذا القرن صار الابداع يشمل مناحي متعددة، وصار مصطلح كتابة يتسع لما هو اشمل من انتاج الشعر وانتاج الكتابة عن الشعر وعلى الشعر.

  • هل النقد مواكب للإبداع أن أنه هناك فجوة كيرة بينهما ؟

في السياق نفسه لا أظن ان الابداع وحده بحاجة الى النقد، أظن ان المعرفة الانسانية بمجملها محتاجة الى النقد،  بما يعنيه النقد من تفكير ومساءلة وتنوير.

وحكاية المواكبة تفترض ان النقد  في خدمة الابداع، ولا تعترف بأننا في القرن الواحد والعشرين بحاجة الى إعادة بناء مفهومنا للفن عموما، وبحث ما إذا كان ما ينتج باسم الشعر أو القصة والرواية يندرج في الابداع أم في الترديد والاجترار والتنميق والتلفيق والهذيان....الخ.

  • ماذا عن محمد الفايد الناقد ؟

أنا لست ناقدا ، ما أحاوله احيانا مجرد قراءات ووجهات نظر انطباعية اكثر من كونها علمية.

واتوجه بها للمتلقي انطلاقا من المقروء وقد لا اكون موفقا،  وهي بكل الاحوال لا تعود على المبدع.

لدينا تعميمات ومسميات أظنها غير دقيقة فعمليا ليس لدينا وعي مؤسسي، ليس لدينا احترام للمؤسسة والعمل من خلالها.

بالنتيجة ليس لدينا مؤسسات ثقافية تعمل على تنمية الثقافة والاستثمار فيها،  وتحويل الثقافة من استهلاك  معرفة الى انتاج معرفي،  نحن لسنا مجتمع معرفي،  وما نتداوله من شغر ونثر هي اقصى ما نسميه ثقافة.  ليس لدينا انتاج فكري،  ليس لدينا دراسات للمجتمع،  دراسات تعمل على تنمية المجتمع وتحديثه وتحويله الى مجتمع حديث ينتج قيم عصرية.

ليس لدينا مؤسسات أكاديمية فاعلة تصنع بيئة علمية وتنتج بحث علمي.

ليس لدينا تعليم منهجي يؤهل الدارسين للتفكير النقدي.

كل ذلك بالمحصلة يجعلنا مجرد كائنات إنشائية، ويجعل حديثنا عن المؤسسات حديث عن الحلم.

ويمكن تلخيص ذلك بالقول ان غياب الحرية يغيّب معه الفكر والمعرفة والثقافة والابداع.

  • كلمة أخيرة  ؟
  • أتساءل متى سنتحول من استهلاك الثقافة إلى إنتاج الثقافة والفكر مؤسسيا وتصير الوسائل الحديثة مجالا لتداول المعرفة وتحويل مجتمعنا بعمومه إلى مجتمع معرفي يفكر تفكيرا نقديا ويتلقى تلقيا نقديا ، ويسهم في إنتاج معرفة عصرية .
متعلقات