إحياء مشاريع الأقاليم في اليمن .. خطوة استباقية أم هروب من الواقع؟ (تقرير خاص)
المستقبل أونلاين/ الموقع بوست/ وئام عبدالملك

بدأت الحكومة الشرعية خلال الأيام القليلة الماضية، تحركاتها للشروع في تطبيق مشروع الأقاليم في البلاد، والعمل على  التحول إلى نظام الدولة الاتحادية، وإقرار دستور جديد، تنفيذا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اختتمت فعالياته أواخر العام 2013.
 
وتخوض الشرعية في اليمن سباقا محموما مع الانفصاليين، الذين يسعون لاستغلال أي مناسبة من أجل الترويج لمشروعهم  بإعادة اليمن إلى ما قبل عام 1990.
 
و بدأت تتضح معالم السباق بدعوة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، قبل أيام قليلة إلى إقرار مشروع دستور الدولة الاتحادية والاستفتاء عليه، بالتزامن مع تحركات للسلطات الشرعية في عدة محافظات من أجل تفعيل فكرة الأقاليم في شمال البلاد وجنوبها.
 
وعدَّ" بن دغر" خلال لقائه بمسئولين في السلطة المحلية بمحافظة حضرموت تلك الجهود أنها تأتي" استكمالاً لبنود المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني"، لافتا إلى أن"  الانقلابيين "  يصعدون الموقف، لإفشال جهود الحكومة فيما يتعلق بالدستور.
 
ويمضي الحراكيون الداعمون لخيار الانفصال على النقيض، إذ أعلنوا عن تشكيل مجلس سياسي جنوبي، قال مراقبون أنه من الممكن أن يدعم الانفصال، فضلا عن سفر عديد من قياداتهم إلى طهران وبيروت، وكذا الخطاب الإعلامي لعديد مسئولين جنوبيين لا يذكرون فيه اليمن، بل ما يسمونه " دولة الجنوب " فقط.
 
وكانت تحركات الشرعية في البلاد مثيرة للجدل، وغير مفهومة لدى كثير من المتابعين، الذين أبدوا مخاوفهم من انفصال الجنوب، وتساءلوا عن إمكانية الاستفتاء على الدستور في الوقت الراهن الذي تعيشه البلاد جراء الحرب، إلا أنه ووفقا لمصدر حكومي أوضح لـ(الموقع بوست) فهذه الخطوة تأتي للضغط على الحراك الانفصالي- الذي تشكل" لحج، الضالع، أبين" مركز ثقله"، يسعى لضم إقليم حضرموت الغني بالثروة إليه.
 
وأضاف أنه بإعلان الأقاليم سيتم قطع الطريق أمام الانفصاليين، إذ أن حضرموت تنتمي إلى إقليم حضرموت، وليس إلى إقليم عدن الذي يضم" عدن، أبين، لحج، الضالع"، وسيفقد الحراك قوته بإخراج أهم مكون المتمثل بإقليم حضرموت الذي يتكون من "حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى".
 
وعن جدية الحكومة في الاستفتاء على الدستور، أكد أنها خطوة لن تتم في الوقت القريب، مؤكدا أن الغرض من إقرار الدستور، هو إعداد الرأي العام لمشروع الدولة الاتحادية، وإرساء أولى دعائم الفدرالية عن طريق تنسيق السلطات المحلية بكل محافظة مع الأخرى بنفس الإقليم.
 
وسينص الدستور المقبل على التقسيم الجديد للبلاد في إطار الدولة الاتحادية، والاستفتاء عليه في غضون سنة، قبل أن تنظم انتخابات رئاسية وتشريعية عامة.
 
وتعد هذه الخطوة مهمة بالنسبة لشمال اليمن أيضا، الذي يتحضر إقليم سبأ المكون من" مأرب، الجوف، البيضاء" لبدء العمل الموحد في الإقليم، كما جرت في وقت سابق التحضير لخطوة مماثلة في إقليم تهامة الذي يضم" الحديدة، حجة، المحويت، ريمة".
 
خطوة إنعاشية
 
وعلى هذا الصعيد يعتقد المحلل السياسي فيصل المجيدي، أن دعوة رئيس الوزراء لإقرار مشروع الدستور، تأتي في إطار رسم خارطة العملية السياسية القائمة على المرجعيات المجمع عليها وطنيا وإقليميا ودوليا، المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني المعترف بها إقليما، من خلال تبني دول الخليج العربي والجامعة العربية، وكذا 6 قرارات أممية و4 بيانات صحفية صادرة عن مجلس الأمن.
 
ووفقا للمجيدي الذي تحدث لـ(الموقع بوست) جاءت هذه الدعوة تماشيا مع ذلك التوجه، خصوصا وأن رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، دعا في ذات الوقت من عاصمة محافظة حضرموت" المكلا"، بإعلان الأقاليم.
 
وعدّ خطوة إعلان إقليم تهامة، وانتخاب رئيس للإقليم، بأنها خطوة رمزية للتأكيد على التفاعل مع مسودة الدستور، وتفاعلا مع هذا المسار.
 
غير أن موقف رئيس الوزراء- كما يقول المجيدي- ربما يكون في إطار خطة عمل تتمثل بداية بإقرار مسودة الدستور، من الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني، والمكلفة حسب مخرجات  الحوار، لتقوم مقام الجمعية الوطنية بإقرار مسودة الدستور قبل عرضه على الاستفتاء من الشعب، وهو خطوة تصب في إطار تحريك المياه الراكدة في المسار السياسي.
 
ويرى المحلل السياسي أن الظروف الحالية غير مواتية لإجراء استفتاء، لكنه يعتقد أن وراء ذلك رغبة حكومية في استكمال مداميك العملية السياسية والدستورية، قبل الخطوة الأخيرة والمتمثلة بجعل الشعب حكما.
 
الانقلابيون والعودة إلى الوراء
 
من جانبه  قال الصحافي فؤاد مسعد إن هذا الإجراء الخاص بالاستفتاء على الدستور كان سيتم في المرحلة السابقة، لو لم تقم مليشيا الحوثي وصالح بالانقلاب على السلطة الشرعية، وشن الحرب في البلاد، ما أدى إلى تعطيل العملية السياسية بشكل كامل.
 
وأضاف في حديث خاص لـ(الموقع بوست) أن المعركة باتت اليوم حول استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وعودة المسار السياسي، وحينها سيكون الاستفتاء على الدستور في مقدمة مهام المرحلة.
 
أما الحديث عن هذه الخطوة ولا تزال عدد من المحافظات ومنها العاصمة صنعاء تحت سيطرة الانقلابيين فهو للتأكيد على أنها تشكل أولوية، ولن يتم الاستفتاء إلا بعد استعادة الدولة، لأن الاستفتاء مسألة غير قابلة للتجزئة، أو يمكن إجراؤها بالتقسيط"، حد قوله.
 
وأشار الصحفي "مسعد" إلى أن الخطاب الرسمي للحراك الجنوبي يطالب بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 90، أي "دولة الجنوب ودولة الشمال"، مضيفا: "لكن من ناحية عملية هناك شريحة واسعة من الحراك تتعامل بشكل إيجابي مع الشرعية التي تقود مشروع اليمن الاتحادي، بمعنى أن هذا المشروع يشكل حلا وسطا بين خياري الوحدة والانفصال".
 
ويقول مراقبون إن تقسيم الأقاليم راعى كافة العوامل في مختلف المحافظات، وبذلك تحقق الدولة الاتحادية العدالة ومطالب وحاجات الأقاليم جميعها.
 
يذكر أن لجنة تحديد الأقاليم المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني باليمن، الذي أعلن عن الوثيقة النهائية له في 25 يناير/كانون الثاني 2014، أقرت تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، اثنان في الجنوب" حضرموت، عدن"، وأربعة في الشمال" الجند، تهامة، أزال، سبأ"، في إطار الدولة الاتحادية التي توافق المشاركون بالحوار الوطني على إنشائها، لكن تحالف(الحوثي- صالح) عطلوا تلك الخطوة، وانقلبوا على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014.
 
وطالب بعض الجنوبيين بدولة من إقليمين إحداهما في الجنوب والأخرى في الشمال، في محاولة لاستعادة شكل حدود دولتي اليمن قبل الوحدة(1990)، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض، بسبب الخوف من استغلال الحراكيين لتلك الخطوة، والتمهيد للانفصال.

 

 

 

 

 

 

متعلقات