محمد شداد
عندما يُصبح النور هدفاً: حقيقة الحملة ضد السفير باحميد!


تجاوزت آثار الحرب الحوثية على اليمن الخسائر البشرية والمادية الجسيمة لتشمل أيضًا الجوانب القيمية والأخلاقية. هذا التدهور الملحوظ في القيم التي لم تشهد له اليمن مثيلاً على مدار التاريخ، وصل إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة لاستغلال بعض الأفراد والجماعات لآلام ومعاناة الآخرين بطريقة تفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية، سواءً داخل الوطن أ/ في بلدان ما وراء البحار.


طغت الحاجة على الكثيرين فاختاروا الصبر، أغلقوا أبوابهم خلفهم عاشوا بكرامة وتعفف، وانطلق آخرون في رحلة البحث عن فرص لعيش كريم، متجهين نحو احتراف مختلف المهن والأعمال بنزاهة واستقلالية. 
الغالبية منهم، ممن لم تتح لهم فرص الحصول على تعليم كافٍ، أظهروا عفة وآنفةً مثيرة للأعجاب وما انحدروا أبدًا إلى مستنقع الاسترزاق، بل ظلوا متماسكين شامخين رغم شدة الحاجة وقسوة الظروف المحيطة، تماماً كما هو ديدن اليمني الحر الذي يفضل الموت واقفاً على الإنحناء لإلتقاط لقمة مغموسةً بالذل!


عانت السفارة اليمنية في ماليزيا الكثير من المعضلات المعقدة وواجهت الكثير من التحديات جراء لجوء الآف اليمنيين الى ماليزيا بعد الحرب حيث بلغت الجالية اعداداً لم تعهدها من قبل.  حالفها الحظ أن تولاها الرجل السياسي الدبلوماسي اللغوي  الأديب الشاعر الإنسان عادل محمد باحميد الذي جاء من وسط شعبي حضرمي متواضع سهل المعشر خفيف الضل صادق الأداء خيري السلوك. اختار طاقمه الدبلوماسي والإداري التقني بعناية فائقة انتهجوا جميعاً سلوكه واستنوا بخطاه نزاهةً أخلاقاً وأداء..


بحنكة عالية و مهارة إستثنائية ورثها عن الفاتحين الأوائل حضارم اليمن الذين نشروا الإسلام في عموم جنوب آسيا - استطاع السفير باحميد النفوذ إلى قلوب السلطات الماليزية التي فتحت أذرعها لليمنيين وذللت الكثير من الصعوبات أمام الجالية اليمنية عموماً اسثناءً عن كل الجاليات. ولعل أبرزها هي المنحة الاستثنائية للاقامة الاجتماعية لليمنيين في ماليزيا والتي تغبطنا عليها العديد من الجاليات أكدت بصدق المكانة الإستثنائية لدى اليمنيين في ماليزيا. 


اتاحت هذه الإقامة لآلاف اليمنيين العيش في أمن كرامةً واحترام. كما نجح السفير في تعزيز وتحسين صورة اليمني لدى الماليزين سلطة وشعب. فما غاب عن فعالية حكومية او مناسبة وطنية الإ وكان السفير باحميد ممثلاً لليمن فيها وبحضور ملفت حد أنه تعلم لغة البلد ليخاطبهم بها كون اللغة مفتاح القلوب.. 

 

وبمنهجية علمية صنع من السفارة اليمنية نموذجاً فريداً راقياً بين السفارات العربية والأجنبية حتى صرح وزير الداخلية ورئيس مصلحة الهجرة الماليزية علناً وبحضور كل السفراء العرب أن نظام السفارة اليمنية التقني والفني صار جزءً منا.

 

جعل  السفير من السفارة اليمنية أرضاً يمنية بحق، وبيتاً واسعاً لكل اليمنيين، وحضناً دافئاً لكل صاحب حاجة، وملاذاً آمناً لكل من تاهت به طرقات الغربة واعترته وعثاء السفر، سهَّل المعاملات عبر الأثير والمواعيد عبر بوابات الكترونية وقطع الجوازات عبر تطبيق الوتس أب من معظم دول الشرق الأسيوي قطعاً لقنوات الفساد، وبرسوم قانونية وسندات رسمية تذهب إلى خزينة الدولة دون مبالغة أو استغلال، الجواز للطالب والموظف ورجل الأعمال والعامل كلاً يدفع رسومه وفقاً للقانون..

ينطرب أي السفير باحميد لأي نجاح فيقرِّب المبدع ويكرٍّم المتميز ويفرح بكل من يرفع صورة اليمن عالية يحب ويوالي اليمن كله دون تحيز، سلوك  صاغته النشأة القريبة مع الناس والعيش في أوساط مجتمع مدني حضرمي سلمي عصرته الحياة وخَبِرتْهُ نوائب الدهر، لا يغلق أبواب السفارة في وجه أحد كمن سبقوه ولا يتقاعس عن خدمة من يستحق الخدمة، ويفزع للشدائد يخالط الناس وجداناً وروح، يحضر أعيادعم الدينية والوطنية ويشارك الكل أتراحهم والأفراح..

وعملاً بالقاعدة الأخلاقية التي تقول لا يشكر الله من لا يشكر الناس سردنا بعض المنجزات للدكتور عادل باحميد ولطاقمه، ليس تزلفاً وابتغاء الحوائج لأنا نسعى فأغنانا الله عما في أيدي الناس. ولإدراكنا أن عمل البعثات الدبلوماسية قانوناً وعرفاً هو تحسين العلاقات بين الدول السياسية والدبلوماسية والاقتصادية ورفع مستوى التعاون بايجيابة ورعاية شؤون المواطن في الجوانب التوثيقية وحل ما تقدر عليها من اشكاليات قد تمس بمصالح الموطن وحسن إقامته عملاً ومعيشه..

اعتقد البعض خطأء أن السفارة عبارة عن قسم شرطة لإلقاء القبض على المخالفين ونيابة للتحقيق ومحكمة تصدر الأحكام، وجمعية خيرية لدعم المتعثرين والعاطلين عن العمل وقضاء حاجات أصحاب الحوائج. بل ذهب البعض لمطالبة السفارة بمطالب غير معقولة تنم عن جهل او سوء نية. لا يمكن لأي سفارة في الدنيا ان تملي على الحكومة المستضيفة ان سن قوانين وإصدار قرارات بتحسين ظروف جاليتها ومنح تراخيص عمل او الإفراج عن معتقلين خلافاً لقوانينها – ولا يتم التعرض إلا  للمخالفين لقوانينها وهذا حق ثابت لها وفقاً لكل الأعراف والقوانين الدولية. 
السفارات تسعى وتحاول لكن الكلمة الفصل تبقى للبلد المضيف  الذي يتخذ القرارات وفق مصالح شعبه اولاً. وفي ظروف كهذه ينبغي ان نمتلك حصافة كافية لإختيار خطاباتنا بعناية في مخاطبة السلطات الماليزية التي رغم المعاناة لاتزال تستضيف الآلاف وتغض الطرف وتتفهم وتتساهل عن كثير من المخالفات. والتي واقولها بكل أسف بعض تلك المخالفات يندى الجبين لها، فالبعض يجلب معه بعض السلوكيات الخاطئة من اليمن الى بلدان المهجر، فتسيء كثيراً لنا كيمنيين قبل ان يتدخل باحميد لترميم اي صدع وتطبيب اي جراحٍ خلفته الأحداث..

 الحملة الظالمة التي يشنها البعض عليه مؤخراً  والتي مبعثها إنتهازي لئيم أحدثت فزعاً فارقاً لدى اليمنيين في ماليزيا لأنها لم تستهدفه كسفير يعمل في الحقل الدبلوماسي العام، بل لأن لإستهداف تجاوز شخصه وأسرته ومست مشاعر كل اليمنيين والشعب الذي يمثله كسفير. وهناك من يشير إلى أن هناك أيادي فساد خفية شخصية وحوثية تلعب بالأدوات من وراء الستار تمويل وتوجه لتشويه رموز الشرعية وحرق شخوصهم أمام الشعب اليمني تحديداً النماذج الوطنية المخلصة سعياً لهدم المشروع الوطني واستعادة الوطن من أيادي وكلاء المشروع الفارسي في اليمن.. 

مست الحملة مشاعر  كل أصحاب الضمائر الحية والنفوس الصحيحة. مست النظام الدبلوماسي، حطت من سمعة الجمهورية وآداب الوظيفة العامة. مست سمعة أمة يمنية حضارية عرفتها الشعوب الأسيوية بقيمها وأخلاقها ودورها الحضاري ساهمت فيها أصالةً بُنيةً وبناء وغذتها ديناً وتجارة من مآت السنين..
الخصومة حاصلة والضعف وارد والعصمة للرسل والآداء الإنساني عرضةً للنقص غير أن للخصومة أخلاق وآليات لتقيم اعوجاج الضعف، وطرق للنقد فإذا كان الغرض إنساني وطني ويستهدف احترام النظام العام وتحقيق المنفعة  العامة كغاية من غايات قيام الدول فلا بأس..
 أما إذا كان الغرض هو تشهير دفعت بصاحبه مصلحة شخصية وهوى متبع إذا تحقق للشخص أشرقت بنورها الأفاقُ وملأت المدائح سُقُفُ السماء، وساد على الناس الخير، وإذا مُنع أحدهم مبتغاه سُدت الآفاق وحل الفساد وأُطبقت الظلمات فالعدل والعطاء رضاهم والإمساك والجور حرمانهم فتلك هي الجهالة  بعينها وذلك هو الظلم الذي لا يُحتمل..


وأخير لا ترمى بالحجارة إلا الشجرة المثمرة ولا يصيب السهم من هم في طلائع الصفوف  الأولى